فهذا يوضح منهجه في تفسيره وهو الجمع بين الرواية وبين التفسير من خلال اللغة وغيرها بعيدا عن الرأي المنهي عنه وهذا ما يرفع ويعلي من قيمته هذا التفسير في بابه، وغير أن الكمال لله وحده سبحانه فقد وقع في هذا التفسير زلات و هنات، فيما يتعلق بتأويل بعض الصفات، وقد رأيت من واجبي تنبيه طلبة العلم إليها، ذلك مع العلم بأن المؤلف في كتبه الأخرى، قد أثنى على طريقة السلف في الإثبات، وحصر الحق فيها، وانتقد المتأولين في الصفات، فمن ذلك قوله في كتاب " التحف في مذاهب السلف" :( من جملة الصفات التي أمرها السلف على ظاهرها وأجروها على ما جاء به القران والسنة، من دون كلف ولا تأويل، صفة الاستواء الذي ذكرها السائل، يقولون نحن نثبت ما أثبت الله لنفسه من استواء على عرشه على هيئته لا يعلمها إلا هو، وكيفية لا يدري بها سواء، ولا نكلف أنفسنا غير هذا، فليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته... إلى أن قال : والحق ما عرفناك من مذهب السلف الصالح، فالاستواء على العرش و الكون في تلك الجهة قد صرح به القران الكريم في مواطن يكثر حصرها، ويطول نشرها، كذلك صرح به رسول الله ﷺ في غير حديث، بل هذا مما يجده كل فرد من أفراد الناس في نسفه، و يحسه في فطرته، وتجذبه إليه طبيعته كما تراه في كل من استغاث بالله سبحانه والتجأ إليه، ووجه أدعيته إلى جنابه الرفيع، فانه يشير عند ذلك بكفه، ويرمي إلى السماء بطرفه )(١).

(١) التحف في مذهب السلف ( ص١١-١٢)


الصفحة التالية
Icon