وتهمة أخرى وبدعة كبرى تنتجها عقلية فرعون الماكرة، فهو لم يتّهم موسى بأنّه تلميذ نجيب للسحرة، بل هو –بزعم فرعون-كبير السحرة ومعلمهم، وذلك هو قول فرعون:’’إنّه لكبيركم الذي علمكم السحر‘‘(١)، أي لعظيمكم ورئيسكم في التعليم وعنه أخذتم السحر، وإنّما غلبكم لأنّه أحذق به منكم، أو لأنّه علمكم شيئا دون شيء، ولو قال تلميذكم لما صح هذا المعنى الذي أراده لعنه الله. أو فواعدكم على ذلك وتواطأتم عليه، وأراد به التلبيس والخداع على قومه ليشتبه الأمر عليهم كي لا يعتقدوا أنهم آمنوا على بصيرة وظهور حق، وإلاّ فقد علم فرعون أنّهم لم يتعلموا من موسى بل قد علموا السحر قبل قدوم موسى وولادته، ولكنّها مكابرة يعلم كل واحد بطلانها، فإنهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم، فكيف يكون كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر (٢)؟

(١) طه: ٧١].
(٢) انظر: تفسير البيضاوي(٤/٢٣٨)وتفسير القرطبي(١١/٢٢٤)وتفسير ابن كثير(٣/١٥٩، ٣٦٦)وتفسير ابي السعود(٦/٢٤٣)وروح المعاني(١٩/٧٩).


الصفحة التالية
Icon