وكذلك لا نجد تكرارا في عرض القصة أبدا على كثرة ما عرضت في سور القرآن. لأنّ هذا التنويع في اختيار الحلقات التي تعرض، ومشاهد كل حلقة، والجانب الذي يختار من كل مشهد، وطريقة عرضه…كل أولئك يجعلها جديدة في كل موضع. متناسقة مع هذا الموضع)(١)بل سنرى أنّ الآية الواحدة صالحة للإستدلال بها في مواضيع متعددة ومتنوعة، وذلك لغنى النّص القرآني، ففي كلّ مرّة نستدل بالآية عينها نجدها أصيلة في الموضوع الذي يُستدلّ بها عليه. وتلك ظاهرة يتميّز بها كتاب الله وينفرد، وما ذلك إلاّ دليل على إعجاز القرآن الكريم.
لقد ذكرت قصة موسى عليه السلام مع فرعون-لعنه الله-كثيرا في الكتاب العزيز، وذلك لأنها من أعجب القصص، ولما حوته من فوائد جمّة ودروس عديدة تتكرر بين الحق المتمثل في موسى والباطل الذي يمثله فرعون؛ذلك أنّ فرعون حذر من موسى كلّ الحذر، فقد أُخبر أنّ مولودا سيولد من بني إسرائيل فيكون نهاية ملكه على يده، لهذا شرع فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل وذبحهم كي لا يخرج منهم من يهدم عرشه.