إنّ مّما لاشك فيه أنّ ظهور هذه الشخصية له أسبابه، فشخصية كشخصية فرعون-وبهذه الخصائص التي أشرت إليها سابقا-تجعل الإنسان يفكر كيف يصل إنسان إلى هذا الدرك من الإنحطاط والفجور والعتو!وهوتساؤل يطرحه كلّ من تمتّع بفطرة سليمة وصحة نفسيّة، مخافة أن يقع بمثل هذا الشر، ولكي يمنع وقوعه إذا استطاع ذلك.
ولأنّ الأسباب مقدمات إن وجدت وجدت النتائج المترتبة عليها، فإنّ القرآن الكريم بيّن هذه الأسباب لأهمّية بيانها للنّاس. للوقاية أولا، ولمعرفة العلاج لها إن حدثت ثانيا، فمعرفة سبب المرض تسهّل الوقاية منه، كما لا يكون العلاج إلاّ بمعرفة السبب.
ولكن لا بدّ من ملاحظة أنّ تشخيص المرض سابق للبحث عن أسبابه وطرق علاجه، إذ من غير المعقول أن نبحث عن أسباب لمرض لا نعرفه أو عن علاج لداء نجهله. من هنا كان لا بدّ أن نبدأ بتشخيص هذه الحالة المرضية، فقدّمت خصائص شخصية فرعون-والتي تمثل تشخيصا للحالة المرضية-عن البحث عن أسباب ظهورها، ثمّ إن تقديم تشخيص الحالة المرضية بكل ما تحمله من مساويء تجعل الإنسان يسأل بإلحاح عن أسباب ظهورها، ممّا يضيف إلى البحث عنصر التشويق.
ونعود إلى السؤال: ما هي أسباب ظهور هذه الشخصية؟
وللإجابة لا بدّ من استقصاء الأسباب التي ذكرها القرآن الكريم أو أشار إليها أو أمكن فهمها من واقع فرعون الذي أخبرنا القرآن عنه. حيث يمكننا إجمال تلك الأسباب التي أدت إلى تكوّن وظهور شخصية فرعون بالخصائص التي ذكرناها في ثلاثة أسباب هي: ١-الكفر٢-والمحافظة على المكتسبات الخاصة٣-وفسق الأغلبية ومشاركة الفئات المستفيدة لفرعون ومساندتهم له. ولقد أفردت لكل سبب منها مبحثا مستقلا.
المبحث الأول
الكفر


الصفحة التالية
Icon