وقوله تعالى:’’وقال موسى إنّي عذت بربي وربكم من كلّ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب‘‘(١). والشاهد فيها أنّ موسى عليه السلام قصد بالمتكبر الذي لايؤمن بيوم الحساب فرعون، وذلك(لمّا هدّده فرعون بالقتل استعاذ موسى بالله من كل متكبر، أي متعظم عن الإيمان وصفته أنّه لا يؤمن بيوم الحساب)(٢)،(لأنّه إذا اجتمع في الرجل التكبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة فقد استكمل أسباب القسوة والجرأة على الله وعباده ولم يترك عظيمة إلاّ ارتكبها)(٣)؛ذلك(أنّ من لم يؤمن بيوم الحساب لم يكن للثواب على الإحسان راجيا ولا للعقاب على الإساءة وقبيح ما يأتي من الأفعال خائفا، ولذلك كانت استجارته من هذا الصنف من النّاس خاصة)(٤)،(ويدخل فرعون في هذا العموم دخولا أوليا)(٥).
ومن الأدلة على تكذيبه وكفره قوله تعالى:’’فأراه الآية الكبرى، فكذب وعصى، ثمّ أدبر يسعى‘‘(٦). فكذب نبي الله موسى وعصى ربّه عز وجل بعد ظهور الآية وتحقق الأمر، ثمّ أدبر يسعى أي ولى مدبرا معرضا عن الإيمان وطاعة ربه، يسعى أي يعمل بالفساد في الأرض. وقيل: يعمل في نكاية موسى لإبطال دعوته مجتهدا في معارضة ما جاء به موسى عليه السلام (٧).

(١) غافر: ٢٧].
(٢) تفسير القرطبي(١٥/٣٠٥)وانظر: تفسير ابن كثير(٤/٧٨).
(٣) تفسير النسفي(٤/٧٢)وانظر: روح المعاني(٢٤/٦٣).
(٤) تفسير الطبري(٢٤/٥٧).
(٥) فتح القدير(٤/٤٨٨).
(٦) النّازعات: ٢٠-٢٢].
(٧) انظر: تفسير الطبري(٣٠/٤٠)وتفسير البيضاوي(٥/٤٤٧، ٤٤٨)وفتح القدير(٥/٣٧٦)وتفسير القرطبي(١٩/٢٠٢).


الصفحة التالية
Icon