والكفر سبب في غروره، يقول تعالى:’’إن الكافرون إلاّ في غرور‘‘(١)، أي(إلا في غرور عظيم وضلال فاحش من جهة الشيطان ليس لهم في ذلك شيء يعتد به)(٢). وسبب في استكباره، يقول تعالى:’’بل الذين كفروا في عزة وشقاق‘‘(٣)، أي في استكبار وحمية شديدة لا يذعنون للحق(٤). وسبب في مكره وكذبه واحتياله، يقول تعالى:’’بل الذين كفروا يُكذِّبون‘‘(٥). وسبب في حياته البهيمية، يقول تعالى:’’والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام‘‘(٦)،(كأنهم أنعام ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ساهون عما في غدهم)(٧).
إنّ كفر فرعون سبب في استواء الإنذار له من عدمه؛ذلك أنّ الكفر حجاب يمنع المعرفة والعلم، يقول تعالى:’’إنّ الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون‘‘(٨)؛ذلك لأنّهم غطّوا الحق وستروه فاستوى الإنذار وعدمه عندهم(٩).
لقد استبان سبب الخلل الذي أصاب الحياة في ظلّ فرعون، فمن وحل الكفر نبتت تلك الشخصية بما فيها من غرور واستكبار واستبداد…ومن أجل بيان هذا الترابط بين الكفر وأثره أهتم القرآن بتلك القصة العجيبة.
تنبيه لا بدّ منه: إنّ الخلل في أي جزء من العقيدة له آثار مدمرة على الفرد والمجتمع

(١) الملك: ٢٠].
(٢) روح المعاني(٢٩/١٨).
(٣) ص: ٢].
(٤) انظر: تفسير أبي السعود(٧/٢١٣)وتفسير البيضاوي(٥/٣٥).
(٥) الإنشقاق: ٢٢].
(٦) محمد: ١٢].
(٧) تفسير الطبري(١٦/٢٣٥)وانظر: تفسير ابن كثير(٤/١٧٦).
(٨) البقرة: ٦].
(٩) انظر: تفسير ابن كثير(١/٤٦).


الصفحة التالية
Icon