تدور تلك المكتسبات حول نوعين: الأول: الحكم، والثاني: والملك. أمّا الحكم والجاه والسلطان وحب الرياسة فذلك عند فرعون حالة هستيرية، فقد نصّب نفسه إلها وأعلن ذلك على الملأ بقوله:’’يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري‘‘(١). وهدد موسى عليه السلام حيث قال له:’’لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنّك من المسجونين‘‘(٢). وهو الذي قال:’’أنا ربكم الأعلى‘‘(٣). بمعنى أنّه لا رادّ لقوله ولا معقب لحكمه!يرسم ما يشاء ويأمر بما يشاء، فهي إرادة ملكية سامية، فهو المتفرد المستبد بكل أمر، والنّاس عبيد ينفذون، فهذه وظيفتهم. إنّه الحاكم المطلق وعلى الجماهير أن تقدسه وتسبح بحمده!
وهذا ما نلاحظه في بعض الأوضاع السائدة حيث تستعمل بعض العبارات الدّالة على هذا التوجه الفوقي التسلطي، فيقول الفرد عن نفسه:(نحن فلان)من باب التعظيم والعلو، ولا يقول: (أنا فلان)، ومثلها أيضا ما يقال عنه(الإرادة السّامية)أو(صاحب الجلالة)، وغيرها من العبارات التي تدل على التأليه أو الإقتراب منه. وكذلك ما نسمعه من أنّ الحاكم ولي كل نعمة وسبب كل رخاء، فإليه يُرد الفضل، ولذلك ينادونه ب(مولاي)!
ثمّ بعد هذا ما يصنعونه من التعظيم والتمجيد المبرمج، فهو مع ما سبق خارق الذكاء وبعيد النظر ويعرف ما لا يعرفه النّاس ويدرك بحنكته ما لا يدركون، وهو الأول في كل شيء!ولن يكون مثله كما لم يكن مثله، وللأسف أنّ الأرحام قد عجزت عن الإتيان بمثله!بمعنى أنّه إله وإن لم يعلن ذلك. وتتولى الأجهزة التي وضعت لهذا الغرض تسويق هذا الدجل!وما الاستعراضات والمهرجانات إلاّ صورة معبرة عن هذا الانتفاخ الزائف، وتعبير دقيق عن مكنونات تلك النّفوس.

(١) القصص: ٣٨].
(٢) الشعراء: ٢٩].
(٣) النّازعات: ٢٤].


الصفحة التالية
Icon