ومن الأدلّة على أنّه صاحب ثروة ومال قوله تعالى:’’وقال موسى ربنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك‘‘(١)، والشاهد في الآية أنّ موسى أخبر في دعائه حقيقة هي: أنّ الله قد آتى فرعون وملأه زينة وأموالا، أي ما يتزين به من الملابس والمراكب والحلي والفراش والسلاح ونحوهما من أثاث الدنيا ومتاعها، وأموالا جزيلة من أعيان الذهب والفضة، وكثيرة منوعة في هذه الحياة الدنيا (٢)، ولم تكن هذه الثروة إلا نتيجة للنظام المطبق والمنهج المتبع، الذي يدافع فرعون عنه أي عن ثروته التي أفرزها ذلك الواقع.
ومن الأدلّة على ثروته قوله تعالى حكاية لقول فرعون:’’فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب‘‘(٣)، والمعنى: فهلا ألقي على موسى إن كان صادقا أنه رسول رب العالمين أسورة من ذهب وهو جمع سوار، وهوما يلبس في اليد عادة، باعتبار أنّ هذا من علامات الزعامة والسيادة عندهم (٤)، ولم يكن فرعون يحتج بمثل هذا لولا كونه صاحب أسورة الذهب التي تدل على زعامته وسيادته.
وكيف لا يكون شرسا مجرما في الدفاع عن مصالحه المشبوهة وهو الذي يراها مقياسا في تقييم البشر، ودليلا ظاهرا في تمييز الأعلى من بين الناس، بل هي عنده دليل على كذب موسى عليه السلام، فلو كان نبيا كما يدعي لكان صاحب مال وثروة،’’فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب‘‘(٥).

(١) يونس: ٨٨].
(٢) انظر: تفسير الطبري(١١/١٥٦)وتفسير البيضاوي(٣/٢١٢)وتفسير ابن كثير(٢/٤٣٠)وتفسير البغوي(٢/٣٦٥)وفتح القدير(٢/٤٦٨)وروح المعاني(١١/١٧٢).
(٣) الزخرف: ٥٣].
(٤) انظر: تفسير الطبري(٢٥/٨٢)وتفسير الواحدي(٢/٩٧٦)وتفسير البغوي(٤/١٤٢).
(٥) الزخرف: ٥٣].


الصفحة التالية
Icon