إنّ الحاكم-أيّا كان هذا الحاكم-فهو فرد، وليس بمقدور الفرد مهما أوتي من قدرات وميّزات أن يسيطر على النّاس بمفرده، ولا أن يدير دفة الحكم ويرعى شؤون الدولة وحده، فلكي يكون قادرا على السيطرة أو على رعاية الأمة لا بدّ له من أعوان يساعدونه في إدارة الحكم والمحافظة على النّظام وغير ذلك كثير.
وسواء كان هذا الحاكم أو السلطان فاروقا في العدل أو مغرقا في الظلم، فهو بحاجة إلى معين له. فأبو بكر الصدّيق يقول للنّاس(فإن أحسنت فأعينوني)(١)، فلا غنى لمن هو في قمة الإحسان والورع عن الأعوان. فإن كان الحاكم

(١) هذا جزء من الخطاب الذي ألقاه أبو بكر بعد تولّيه الخلافة حيث قال: (أيها الناس فإني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف منكم قوي عندي حتى أرد عليه حقه إن شاء الله تعالى، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله تعالى. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم البلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله) الطبري: أبو جعفر، أحمد بن عبد الله بن محمد،(٦١٥-٦٩٤هـ)، الرياض النضرة في مناقب العشرة، جزءان، تحقيق: عيسى عبد الله محمد مانع الحميري، ط١، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٦.(٢/٢١٣)رقم(٤١٦)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(الرياض النضرة)، وانظر الأزدي: معمر بن راشد،(ت١٥١)، الجامع، جزءان، تحقيق: حبيب الأعظمي (منشور كملحق بكتاب المصنف للصنعاني ج١٠)، ط٢، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٣.(١١/٣٣٦)رقم(٢٠٧٠٢)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(الجامع لمعمر بن راشد)وتاريخ الطبري(٢/٢٣٨)وابن هشام: أبو محمد، عبد الملك بن أيوب الحميري المعافري،(ت٢١٣هـ)، السيرة النبوية لابن هشام، ٦أجزاء، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، ط١، دار الجيل، بيروت، ١٤١١هـ.(٦/٨٢)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(السيرة النبوية لابن هشام).


الصفحة التالية
Icon