وهم في مكانة مرموقة في نظام فرعون، حيث يشغلون مراكز حساسة ووظائف مهمة، وبسبب وضعهم هذا فقد جمعهم القرآن الكريم مع فرعون، وساوى بينهم وبينه من حيث أنّ موسى مبعوث إليهم كما هو مبعوث إلى فرعون، ولذلك(كان تخصيصهم بالذكر مع عموم الرسالة لهم ولغيرهم لأن من عداهم كالأتباع لهم)(١). يقول سبحانه وتعالى:’’ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين‘‘(٢). بآياتنا يعني المعجزات التي بعثنا بها موسى إليهم، فظلموا بها بأن كفروا بها مكان الإيمان الذي هو من حقها لوضوحها، فالظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولهذا المعنى وضع ظلموا موضع كفروا، كقوله تعالى:’’إنّ الشرك لظلم عظيم‘‘(٣)، ولقد ظلموا أنفسهم بسببها بأن عرَّضوها للعذاب الخالد، وظلموا النّاس بصدهم عن الإيمان بها. وكان كفرهم عنادا لا عن قصور في الدليل، لقوله تعالى:’’وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين‘‘(٤)، أي الذين صدوا عن سبيل الله وكذبوا رسله، كيف كان آخر أمرهم، ووضع المفسدين موضع ضميرهم للإيذان بأن الظلم مسلتزم للإفساد (٥).

(١) فتح القدير(٢/٢٣٠).
(٢) الأعراف: ١٠٣].
(٣) لقمان: ١٣].
(٤) النمل: ١٤].
(٥) انظر: تفسير النسفي(٢/٢٨)وتفسير البغوي(٢/١٨٥)وتفسير ابي السعود(٣/٢٥٧)وتفسير الطبري(٩/١٣)ومعاني القرآن(٣/٦٠).


الصفحة التالية
Icon