لقد اتبع الملأ أمر فرعون عن علم وبينة، بعد أن جاءهم موسى عليه السلام بالآيات والسلطان المبين، فلم يكن اتباعهم عن قلة علم ومعرفة، وفي هذا زيادة سوء وقبح منهم، ودليل على غيهم وفسادهم، فبدلا من اتباع موسى-الهادي إلى الحق المؤيد بالمعجزات القاهرة الباهرة-اتبعوا طريقة فرعون المنهمك في الضلال والطغيان، الدّاعي إلى ما لا يخفي فساده على من له أدنى مسكة من العقل لفرط جهالتهم وعدم استبصارهم(١). ،يقول تعالى:’’ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين، إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد‘‘(٢). أي(ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا على توحيدنا وحجة تبين لمن عاينها وتأملها بقلب صحيح أنها تدل على توحيد الله وكذب كل من ادعى الربوبية دونه، وبطلان قول من أشرك معه في الألوهة غيره إلى فرعون وملئه)(٣)أي أشراف قومه. فاتبعوا أمر فرعون، أي شأنه وحاله ومنهجه حتى اتخذوه إلها وخالفوا أمر الله تعالى، ولم يتبعوا موسى الهادي إلى الحق المؤيد بالمعجزات القاهرة الباهرة، ولكنّهم اتبعوا أمر فرعون الذي هو جهل وضلال وكفر وعناد، وليس برشيد ولا سديد يؤدي إلى صواب، فليس فيه رشد ولا هدى، وإنّما هو غي محض وضلال صريح (٤).
لقد اختار الملأ اتباع أمر فرعون، فاستقبلوا أكذوبة فرعون الكبرى بالقبول والتأييد والترحيب والترويج، يقول تعالى:’’وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري‘‘(٥). فهم أول من يُوجَّه لهم الخطاب الفاجر، فيذعنون ويقرون ويتّبعون.

(١) انظر: تفسير ابن كثير(٤/٧٧)وتفسير البيضاوي(٣/٢٥٩).
(٢) هود: ٩٦-٩٩].
(٣) تفسير الطبري(١٢/١٠٩).
(٤) انظر: تفسير القرطبي(٩/٩٣)وتفسير ابن كثير(٢/٤٥٩)وتفسير البيضاوي(٣/٢٥٩).
(٥) القصص: ٣٨].


الصفحة التالية
Icon