وسرعان ما وافقوه وقالوا كمقالته، فلكل طاغية أبواق تنعق بما تعلم ولا تعلم، يشاركون في التزوير والتضليل دعاة على أبواب جهنّم(١)، يقول تعالى:’’قال الملأ من قوم فرعون(٢)إنّ هذا لساحر عليم، يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون(٣)‘‘(٤). فتشاوروا(كيف يصنعون في أمره، وكيف تكون حيلتهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته وظهور كذبه وافترائه، وتخوفوا أن يستميل الناس بسحره-فيما يعتقدونه-فيكون ذلك سببا لظهوره عليهم وإخراجه إياهم من أرضهم، والذي خافوا منه

(١) روى البخاري من حديث أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول:’’ثم كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت يا رسول الله: صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟قال: الزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فان لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك‘‘صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة(٦/٢٥٩٥)رقم(٦٦٧٣).
(٢) إنّ هذا الكلام قاله فرعون والملأ من قومه فهو كوقع الحافر على الحافر فنقل في الشعراء كلامه وهنا كلامهم. أو أنّ هذا الكلام قاله فرعون ابتداء ثم قاله الملأ إما بطريق الحكاية لأولادهم وغيرهم وإما بطريق التبليغ لسائر الناس فما في الشعراء كلام فرعون ابتداء وما هنا كلام الملأ نقلا عنه)روح المعاني(٩/٢٢).
(٣) فماذا تأمرون الظاهر أنه من كلام الملأ بعضهم لبعض وقيل انه من كلام فرعون)تفسير الثعالبي(٢/٤٢).
(٤) الأعراف: ١٠٩-١١٠].


الصفحة التالية
Icon