وقعوا فيه، كما قال تعالى:’’ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون‘‘(١). فلما تشاوروا في شأنه وائتمروا فيه اتفق رأيهم على ماحكاه الله تعالى عنهم في قوله تعالى:’’قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين، يأتوك بكل ساحر عليم‘‘(٢)(٣). وفي قوله:’’قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين، يأتوك بكل سحّار عليم‘‘(٤)، فهم حوله يستشيرهم فلا يبخلون عليه بالمشورة.
وقام الملأ بدور التحريض، ممّا يدلّ على شدة حرصهم على النّظام القائم، فمصيرهم مرتبط بمصير فرعون، أو كما قيل: إنّهم في قارب واحد. وهودور خطير يلقي الضوء على سبب مهم من أسباب ظهور شخصية فرعون. يقول تعالى:’’وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك‘‘(٥). أي تدعهم ليفسدوا في الأرض بتغيير النّاس عليك ودعوتهم إلى مخالفتك وعبادة ربهم دونك، فتحدث الفرقة وتشتيت الشمل، ويفسدوا عليك خدمك وعبيدك، فيحدث الفساد الديني والدنيوي، فصار هؤلاء يشفقون على إفساد موسى وقومه(٦)!

(١) القصص: ٦].
(٢) الأعراف: ١١١-١١٢].
(٣) تفسير ابن كثير(٤/٢٣٧).
(٤) الشعراء: ٣٦-٣٧].
(٥) الأعراف: ١٣٧].
(٦) انظر: تفسير الطبري(٩/٢٤)وتفسير الواحدي(١/٤٠٨)وتفسير القرطبي(٧/٢٦١)وفتح القدير(٢/٢٣٥)وروح المعاني(٩/٢٨).


الصفحة التالية
Icon