واعلم أنّ هذه الواقعة من أعظم ما أنعم الله به على بني إسرائيل، ومن الآيات الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى عليه الصلاة والسلام(١)،(كذلك إقصاصها على ماهي عليه من رسول الله معجزة جليلة تطمئن بها القلوب الأبية، وتنقاد لها النفوس الغبية، موجبة لأعقابهم أن يتلقوها بالإذعان، فلا تأثرت أوائلهم بمشاهدتها ورؤيتها، ولا تذكرت أواخرهم بتذكيرها وروايتها، فيالها من عصابة ما أعصاها وطائفة ما أطغاها)(٢).
لقد حلّت بهم نقمة الله، فكان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات، وعدم فكرهم فيها حتى صاروا كالغافلين عنها، أي غير معتبرين بها لأنّهم لا يتدبرونها(٣)، يقول تعالى:’’فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين‘‘(٤). أي(كانوا عن النقمة التي أحللناها بهم غافلين-قبل حلولها بهم-أنها بهم حالة)(٥).

(١) انظر: تفسير الطبري(١/٢٧٥)وتفسير الواحدي(١/١٠٤)وتفسير البيضاوي(١/٣٤٢)وتفسير ابن كثير(١/٩٢)وتفسير النسفي(١/٤٣).
(٢) تفسير أبي السعود(١/١٠١).
(٣) انظر: تفسير الواحدي(١/٤١٠)وتفسير البغوي(٢/١٩٣)وتفسير الجلالين(١/٢١١).
(٤) الأعراف: ١٣٦].
(٥) تفسير الطبري(٩/٤٢). وانظر: تفسير القرطبي(٧/٢٧٢).


الصفحة التالية
Icon