إنّ علوَّهم وظلمهم وإفسادهم علامة على انعدام التقوى في قلوبهم، يقول تعالى:’’وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين، قوم فرعون ألا يتقون‘‘(١). أي ائت قوم فرعون الظالمين بالكفر واستعباد بني إسرائيل وذبح أولادهم، ألا يتقون عقاب الله على كفرهم به، فيطيعونه ويوحدونه، وذلك تعجيبا لهم من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه(٢)، ودلّ قوله:’’ألا يتقون‘‘على أنّهم لا يتقون، وعلى أنّه أمرهم بالتقوى.
ثالثا: الإجرام. فهم قوم اعتادوا ارتكاب الجرائم والذنوب(٣)، يقول تعالى:’’ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم، أن أدّوا إليّ عباد الله إنّي لكم رسول أمين، وأن لا تعلوا على الله إنّي آتيكم بسلطان مبين، وإنّي عذت بربي وربكم أن ترجمون، وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون، فدعا ربّه أنّ هؤلاء قوم مجرمون‘‘(٤). والمعنى أنّه(دعا ربه-بعدما كذبوه-أنّ هؤلاء قوم مجرمون، وهو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به، ولذلك سّماه دعاء)(٥)، أو(فيه حذف، أي فكفروا فدعا ربه أنّ هؤلاء قوم مجرمون أي مشركون، قد امتنعوا من إطلاق بني إسرائيل ومن الإيمان بالله)(٦). وكان ذلك بعدما(طال مقامه ﷺ بين أظهرهم، وأقام حجج الله تعالى عليهم، كلّ ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرا وعنادا، حينئذ دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم)(٧).
ثالثا: السحرة

(١) الشعراء: ١٠-١١].
(٢) انظر: تفسير الطبري(١٩/٦٤)وتفسير الواحدي(٢/٧٨٧)وتفسير البيضاوي(٤/٢٣٢-٢٣٣)وتفسير الجلالين(١/٤٨٠).
(٣) الجريمة: الذنب)مختار الصحاح، مادة: جرم(٤٣).
(٤) الدخان: ١٧-٢٢].
(٥) تفسير البيضاوي(٥/١٦١)وانظر: تفسير أبي السعود(٨/٦٢).
(٦) تفسير القرطبي(١٦/١٣٦)وانظر: تفسير الثعالبي(٤/١٣٧).
(٧) تفسير ابن كثير(٤/١٤٢)وانظر: تفسير الطبري(٢٥/١٢٠)وروح المعاني(٢٥/١٢٢).


الصفحة التالية
Icon