وقد يكون المشاركون أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى، والتي بدعمها للنّظام تضمن التشريعات القانونية التي تخدم مصلحتها؛فالمصلحة بينهما متبادلة.. وقد يعتمد الطاغوت على أكثر من فئة أو عامل من عوامل تثبيته.
والملاحظ في كلّ الأحوال أن هذه الفئات تمتاز بفسقها وخروجها عن الحق، فالحق لا يُلائمها، ويصادم مصالحها، فهي تعلم أنّ ما تأخذه أكثر من حقها، أو ربما تهادن النّظام خوفا على مصالحها. وفي كل الأحوال تسعى جاهدة لتحصيل الحصة الأكبر تحت ظلّ الطاغوت.
الوقاية خير من العلاج
وفي نهاية هذا المبحث أعود لما ذكرته في أوله، وهو أنّ ظهور شخصية فرعون له أسبابه، وأنّ الأسباب مقدمات إن وجدت وجدت النتائج المترتبة عليها، والقرآن الكريم حين بيّن هذه الأسباب بيّنها للوقاية منها، ولمعرفة العلاج لها إن حدثت، فمعرفة سبب المرض تسهّل الوقاية منه، كما لا يكون العلاج إلاّ بمعرفة السبب.
إنّ تضافر الأسباب التي ذكرناها أظهرت هذه الشخصية؛ذلك لمّا اجتمع لفرعون فسق الجمهور ومشاركة المنتفعين المتزلفين-مع ما كان عنده من كفر وحرص على الملك الموروث-تمكّن. وهذا يحصل في كلّ مرّة يحكم بها الطاغوت ويتمكّن، فلولا فسق الأغلبية ومشاركة المستفيدين لما استطاع الظلمة من تثبيت ظلمهم؛ذلك أنّ زمن الرويبضة لن يكون إلاّ حين تسقط القيم ويتنازل النّاس عن مبادئهم، فلا يعودوا يملكون من المعاني الإنسانية والكرامة البشرية شيئا، حينئذ يلجئون إلى الطاغوت ويتخذونه وليا من دون الله.


الصفحة التالية
Icon