إنّ الوقاية تكون بتجنّب أسباب المرض، فكلما تجنب النّاس أفرادا وجماعات-كل حسب مسؤوليته في المجتمع-أسباب المرض كان المجتمع معافى سليما، بحيث لو وُجد شخص كفرعون كفرا وحرصا على مصالحه فإنّ هذا الشخص لن يستطيع فعل شيء ما لم تتوفر له باقي الأسباب، وأهمها فسق الجماهير أو فسق الأغلبية. لأنّ شخصية فرعون حين ظهرت ظهرت بتضافر الأسباب جميعها، وهذا يعني أن انفضاض النّاس عن مظاهرة الحاكم الظالم من أهم العوامل في إسقاط الطواغيت.
وهذا يعني بالضرورة العمل على محورين:
المحور الأول: البناء الصالح في المجتمع، وتنشأة أجيال تتقي الله؛ذلك أنّ الطاغوت إنّما يعمل على إيجاد جماهير فارغة من المحتوى ليس عندها فكر ولا عقيدة ولا هدف أو غاية، وليس لها قضية تحيا من أجلها أو تكافح في سبيلها، تُسيِّرها الغريزة والشهوة الحيوانية، فهي-إذن-عملية مسخ للمعاني والقيم والروح الإنسانية يجهد في تنفيذها الطاغوت.
وهذا يعني خوض حملة دعوية شاملة تعيد النّاس لدينهم، وتعمِّق الإيمان في قلوبهم، وعمل كل ما تقتضيه هذه الدعوة من وعظ وإرشاد وتذكير بالله وإقامة الدلائل على وحدانيته سبحانه، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وهي دعوة مستمرة إلى يوم القيامة لا يجوز التهاون فيها أو تركها، يقول تعالى:’’قل هذه سبيلي أدعو إلى الله‘‘(١).
ثمّ لا بدّ من التركيز على ما قد يُصيب القلوب من أمراض وطرق علاجها، وبيان أنّ الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنّ حب الدنيا أساس كل مفسدة، لذا يجب حَثُّ النّاس على الزهد فيها وعدم التكالب عليها…وتلك أيضا دعوة مستمرة لتحرير الإنسان من أن يكون عبدا لشهواته ونزواته وهواه، فيتحرر من همّ الرزق والخوف من الموت.

(١) يوسف: ١٠٨].


الصفحة التالية
Icon