وبعد التدبر في الكتاب العزيز يمكننا أن نُجمل وسائله في المباحث التالية:
المبحث الأول
وسيلة التعذيب من قتل وسجن وإذلال
التعذيب بشتى صوره وسيلة فرعون الأكثر رواجا واستعمالا، فقد صبّ-لعنه الله-العذاب صبّا فوق رأس كل من خالف أمره أو رابه منه شيء، حتى عدَّه القرآن الكريم عذابا بذاته لشدة ممارسته للتعذيب، فإمّا أن تعتنق مذهب الطاغوت وإمّا الموت بأشكال وألوان مرعبة، يقول تعالى:’’ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين، من فرعون(١)إنّه كان عاليا من المسرفين’’(٢). ويعني بالعذاب المهين ما كانت القبط تفعل ببني إسرائيل بأمر فرعون؛من قتل الأبناء واستخدام النساء واستعبادهم إياهم وتكلفهم الأعمال الشاقة. والشاهد أنّ كلمة’فرعون‘بدل من العذاب المهين، أي جعله-عليه اللعنة-عين العذاب مبالغة، لإفراطه في التعذيب(٣). ومن هذا النّص نعلم مدى إسرافه في التعذيب حتى صار عذابا بذاته ونقمة على من تحته من الجماهير.

(١) من فرعون: هو بدل من العذاب باعادة الجار أي من عذاب فرعون ويجوز أن يكون جعل فرعون نفسه عذابا) العكربي: أبو البقاء، محب الدين عبدالله بن أبي عبدالله الحسين بن أبي البقاء،(٥٣٨- ٦١٦هـ)، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوى، إحياء الكتب العربية.(٢/٢٢٩)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(التبيان في إعراب القرآن). وجعل الطبري فرعون بدلا من العذاب، وهو ما اخترناه لأنّ فرعون موصوف بالإسراف والطغيان فناسبه هذا المعنى. وانظر: تفسير الطبري(٢٥/١٢٦).
(٢) الدخان: ٣٠-٣١].
(٣) انظر: تفسير القرطبي(١٦/١٤٢)وتفسير ابن كثير(٤/١٤٤)وفتح القدير(٤/٥٧٥)وروح المعاني(٢٥/١٢٥).


الصفحة التالية
Icon