لقد جاء موسى عليه السلام بالبينة والبرهان لتحقيق مطلب وحيد هو إرسال بني إسرائيل، ممّا يؤكّد على الإشارة السابقة أنّ تخليص المؤمنين من الكفرة أهم من دعوتهم إلى الإيمان، لأنّ دعوتهم إلى الإيمان وهم تحت سيطرة الطاغوت وتأثيره يعني أنّنا ندعوا قوما ليس عندهم قدرة على الإختيار، ولهذا كانت الفتنة أشد من القتل وأكبر، وهو ما يُرشد إليه قوله تعالى حكاية لقول موسى عليه السلام:’’قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل‘‘(١). أي قد جئتكم(بحجة قاطعة من الله أعطانيها دليلا على صدقي فيما جئتكم به، فأرسل معي بني إسرائيل، أي أطلقهم من أسرك وقهرك)(٢)، وهذا وجه في تفسير قوله تعالى:’’ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم، أن أدوا إلي عباد الله، إنّي لكم رسول أمين‘‘(٣)، والشاهد في الآية قول موسى:’’أن أدوا إلي عباد الله‘‘أي(سلّموهم إليّ ولا تعذبوهم، يعني بني إسرائيل)(٤).
ذبح الأبناء واستحياء النّساء لون من ألوان العذاب في نظام فرعون

(١) الأعراف: ١٠٥].
(٢) تفسير ابن كثير(٢/٢٣٦).
(٣) الدخان: ١٧-١٨].
(٤) تفسير الواحدي(٢/٩٨٣). وانظر: وتفسير الطبري(٢٥/١١٨)وتفسير البيضاوي(٥/١٦٠)والصنعاني: عبد الرزاق بن همام،(١٢٦- ٢١١هـ)، تفسير القرآن، ٣أجزاء، تحقيق: مصطفى مسلم محمد، ط١، مكتبة الرشد، الرياض، ١٤١٠هـ.(٣/٢٠٧)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(تفسير الصنعاني).


الصفحة التالية
Icon