لقد أسرف فرعون في سفك الدماء وإزهاق الأرواح في سبيل المحافظة على ملكه، يقول تعالى:’’واذ نجّيناكم من آل فرعون يسومونكم(١)سوء العذاب يذبحون(٢)أبناءكم

(١) يسومونكم: يولونكم، ويقال: يريدونه منكم ويطلبونه…ومنه يقال: سامه بخطة خسف أولاه وإياه، والثاني من مساومة البيع. وقيل: سامه كلفه العمل الشاق. وقيل: معناه يعلمونكم من السيماء وهي العلامة. وقيل: يرسلون عليكم من إرسال الإبل المرعى)التبيان في تفسير غريب القرآن(١/٨٤)مع بعض التصرف.
(٢) وإنما قال ههنا يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ليكون ذلك تفسيرا للنعمة عليهم في قوله:’’يسومونكم سوء العذاب‘‘ثم فسره بهذا لقوله ههنا:’’اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم‘‘. وأما في سورة إبراهيم فلما قال:’’وذكرهم بأيام الله‘‘أي بأياديه ونعمه عليهم فناسب أن يقول هناك:’’يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم‘‘، فعطف عليه الذبح ليدل على تعدد النعم والأيادي على بني إسرائيل)تفسير ابن كثير(١/٩١). (لذلك أتى بالعاطف ليؤذن بأن إسامتهم العذاب مغاير لتذبيح الأبناء وسبى النساء، وهو ما كانوا عليه من التسخير بخلاف المذكور فى البقرة، فإن ما بعد يسومونكم تفسير له فلم يعطف عليه، ولأجل مطابقة السابق جاء فى سورة الأعراف’’يقتلون أبناءكم‘‘ليطابق سنقتل أبناءهم ونستحى نساءهم) الزركشي: أبو عبد الله، محمد بن بهادر بن عبد الله،( ٧٤٥- ٧٩٤هـ)، البرهان في علوم القرآن، ٤أجزاء، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩١هـ.(١/١٢٠)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(البرهان في علوم القرآن).(وقوله:’’يذبحون‘‘بغير واو هنا على البدل من يسومونكم، وفي الأعراف’’يقتلون‘‘، وفي إبراهيم’’ويذبحون‘‘بالواو لأن ما في هذه السورة والأعراف من كلام الله تعالى فلم يرد تعداد المحن عليهم، والذي في إبراهيم من كلام موسى فعدد المحن عليهم وكان مأمورا بذلك في قوله:’’وذكرهم بأيام الله‘‘)أسرار التكرار في القرآن(١/٢٧).


الصفحة التالية
Icon