،(ووضع الظاهر فيه موضع الضمير لتعميم الحكم والدلالة على العلة)(١)، وفي هذا غاية البلاغة والبيان، فليس كيد فرعون وحده في ضلال بل كيد الكافرين كلهم إلى قيام الساعة في ضياع، وفيه أيضا تثبيت للمؤمنين في كل مرة يواجهون فيها شخصية كشخصية فرعون، فقد قضى الله أن يجعل كيدهم في تضليل.
وهنا لا بد من الإشارة أن تجديد أوامر القتل من فرعون بعد الأمر الأول الذي كان قبل مولد موسى يعني أحد احتمالين: (الإحتمال الأول: أنّ فرعون الذي أصدر ذلك الأمر كان قد مات وخلفه أبنه أو ولي عهده، ولم يكن الأمر منفذا في العهد الجديد، حتى جاء موسى وواجه الفرعون الجديد، الذي كان يعرفه وهو ولى للعهد، ويعرف تربيته في القصر، ويعرف الأمر الأول بتذبيح الذكور وترك الإناث من بني إسرائيل. فحاشيته تشير إلى هذا الأمر، وتوحي بتخصيصه بمن آمن بموسى، سواء كانوا من السحرة أو من بني إسرائيل القلائل الذين استجابوا له على خوف من فرعون وملئه.. والإحتمال الثاني: أنّه كان فرعون الأول الذي تبنى موسى ما يزال على عرشه. وقد تراخى تنفيذ الأمر الأول بعد فترة أو وقف العمل به بعد زوال حدته. فالحاشية تشير بتجديده، وتخص به الذين أمنوا مع موسى وحدهم للإرهاب والتخويف)(٢).

(١) تفسير البيضاوي(٥/٨٩). وانظر: تفسير أبي السعود(٧/٢٧٣).
(٢) في ظلال القرآن(٧/١٧٧).


الصفحة التالية
Icon