ومن العجيب أن يصل الحد بفرعون أن يعدَّ إيمان السحرة استسلاما، فهل يُعاب الإنسان عند استسلامه للحق وخضوعه له؟ثمّ ازداد غطرسة وعنجهيّة عندما عدَّ إيمانهم خارجا عن القانون، لأنّهم لم يطلبوا الإذن من صاحب الجلالة!وهنا تظهر صفة الفوقية التي تميّزت بها شخصية فرعون(١)، يقول تعالى حكاية لقول فرعون:’’قال آمنتم له قبل أن آذن لكم‘‘(٢)، فلكي تؤمن لا بد لك من ترخيص وإذن من الطاغوت!وهذا مؤشر على ذوبان المجتمع في شخصية فرعون، وعلى حجم الكارثة التي أدت إلى انعدام إرادة الإختيار أو حتى القدره عليه لدى الجماهير؛فلولا ذلك لما أبدى فرعون عجبه من هذا التصرف الخارج عن المألوف!

(١) إنّ فرعون رام ما لا ينبغي له،(فالعظمة والعلو والفوقية معناها استحقاقه تعالى نعوت الجلال وصفات التعالي على وصف الكمال وتقدسه عن مشابهة المخلوقين)التعاريف(١/٥١٧).
(٢) الشعراء: ٤٩].


الصفحة التالية
Icon