واتّهم فرعون-لعنه الله-موسى عليه السلام بأنّه مسحور(١)، يقول تعالى:’’فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا‘‘(٢)،(فكلمة الحق والتوحيد والدعوة إلى ترك الظلم والطغيان والإيذاء لا تصدر في عرف الطاغية إلاّ من مسحور لا يدري ما يقول!فما يستطيع الطغاة من أمثال فرعون أن يتصوروا هذه المعاني، ولا أن يرفع أحد رأسه ليتحدث عنها وهو يملك قواه العقلية!)(٣).
لم يكتف فرعون بفرية السحر، بل سار على نهج الطغاة، يقول تعالى:’’كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون‘‘(٤). و(الاستفهام للتقريع والتوبيخ والتعجيب من حالهم، أي هل أوصي أولهم آخرهم بالتكذيب وتواطئوا عليه!بل هم قوم طاغون. إضراب عن التواصي إلى ما جمعهم من الطغيان، أي لم يتواصوا بذلك بل جمعهم الطغيان، وهو مجاوزة الحد في الكفر)(٥)، فكأنّهم تواصوا على التكذيب.

(١) أي (ذاهب العقل مفسدا)لسان العرب، مادة: سحر(٤/٣٤٩).
(٢) الإسراء: ١٠١].
(٣) في ظلال القرآن(٥/٣٦٢).
(٤) الذاريات: ٥٢-٥٣].
(٥) فتح القدير(٥/٩٢). وانظر: تفسير الطبري(٢٧/١٠)وتفسير القرطبي(١٧/٥٤).


الصفحة التالية
Icon