ولمّا كان فرعون من طبيعته الطغيان شارك الأولين والآخرين نهجهم، فأضاف إلى تهمة السحر تهمة الجنون، حيث قال:’’إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون‘‘(١). أي(إنّ رسولكم هذا الذي يزعم أنه أرسل إليكم لمغلوب على عقله، لأنّه يقول قولا لا نعرفه ولا نفهمه. وإنّما قال ذلك ونسب موسى إلى الجِنّة لأنّه كان عنده وعند قومه أنّه لا رب غيره يُعبد، وأنّ الذي يدعوه إليه موسى باطل ليست له حقيقة)(٢)، ولأنّه-لعنه الله-(خاف من تأثر قومه منه، فأراهم أنّ ما قاله عليه الصلاة والسلام مما لا يصدر عن العقلاء صدا لهم عن قبوله، فقال مؤكدا لمقالته الشنعاء بحرفيّ التأكيد’’إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون‘‘(٣)، ليفتنهم بذلك ويصرفهم عن قبول الحق، وسمّاه رسولا بطريق الإستهزاء، وأضافه إلى مخاطبيه ترفعا من أن يكون مرسلا إلى نفسه)(٤).

(١) الشعراء: ٢٧].
(٢) تفسير الطبري(١٩/٧٠). وانظر: معاني القرآن(٥/٧٤).
(٣) الشعراء: ٢٧].
(٤) تفسير أبي السعود(٦/٢٣٩).


الصفحة التالية
Icon