ومن الشواهد على قدرة فرعون الإقتصادية ما أمر به(وزيره هامان ومدبر رعيته ومشير دولته أن يوقد له على الطين، يعني يتخذ له أجرا لبناء الصرح، وهو القصر المنيف الرفيع العالي)(١)، وذلك معنى قوله تعالى حكاية لقول فرعون:’’فأوقد لي يا هامان على الطّين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى‘‘(٢). وقوله سبحانه:’’قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب‘‘(٣). ولو كان وضع فرعون الإقتصادي ضعيف لما استطاع أن يبني، أو أن يأمر ببناء مثل هذا الصرح، حتى قيل: إنّ(أول من أمر بصنعة الآجر وبنى به فرعون)(٤)، وليس هذا مستغربا عند مشاهدتنا للأهرامات القائمة حتى اليوم.
إنّ قوة فرعون الإقتصادية عكست نفسها في كلام مؤمن آل فرعون، وهو يحذر قومه زوال نعمة الله عنهم وحلول نقمة الله بهم، وذلك في قوله لهم:’’يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا‘‘(٥). أي(قد أنعم الله عليكم بهذا الملك، والظهور في الأرض بالكلمة النافذة والجاه العريض، فراعوا هذه النعمة بشكر الله تعالى، وتصديق رسوله ﷺ واحذروا نقمة الله إن كذبتم رسوله)(٦). والشاهد في الآية أنّ مؤمن آل فرعون أخبر من خلال خطابه لقومه أنّهم في نعمة عظيمة وجاه عريض، وفي هذا دليل آخر على مدى الملك الذي حازه فرعون وقومه.

(١) تفسير ابن كثير(٣/٣٩١).
(٢) القصص: ٣٨].
(٣) غافر: ٣٦].
(٤) تفسير الطبري(٢٠/٧٧).
(٥) غافر: ٢٩].
(٦) تفسير ابن كثير(٤/٧٩).


الصفحة التالية
Icon