لم يكن عطاء الله لفرعون علامة رضى وقرب، بل هوابتلاء وامتحان من الله، يقول تعالى:’’فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون‘‘(١)، أي(حتى إذا فرحوا وأُعجبوا بما أوتوا من النِّعم، ولا يزيدوا غير البطر والاشتغال بالنِّعم عن المُنْعِمِ والقيام بحقه سبحانه وتعالى أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون متحسرون آيسون)(٢)، ولهذا فُتحت الخيرات على فرعون وغمرته، ولكن إلى أجل، حتى إذا فرح بما لديه أخذه الله وهو في سهوته وسكرته. فالملك والرخاء والثراء-كما بيّن القرآن الكريم-لم يكن إلاّ فتنة لهم واختبارا، يقول تعالى:’’ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم‘‘(٣)، أي(أوقعناهم في الفتنة بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم)(٤)، وابتلاهم بالنعمة والسلطان، والتمكين في الأرض.

(١) الأنعام: ٤٤].
(٢) تفسير البيضاوي(٢/٤٠٩).
(٣) الدخان: ١٧].
(٤) تفسير أبي السعود(٨/٦١).


الصفحة التالية
Icon