والمال بين يدي الطاغوت وسيلة للتفرقة بين النّاس، فالمستفيد من الحكومة يواليها، ويدافع عنها لأنّها تمثل مصالحه، مهما كانت هذه الحكومة طاغية وظالمة، فإن لم يكن من المدافعين فلن يكون من المتمردين عليها أو المطالبين بتغييرها، مع أنّ هذه الفئة تدرك أن رفاهيّتها لم تكن إلاّ على حساب المحرومين من حقوقهم، وكفى بهذا تأجيجا للبغضاء والعداوة بين النّاس. وقد أتقن فرعون هذه السياسة حيث(أغرى بينهم العداوة كي لا يتفقوا عليه، يكرم طائفة ويهين أخرى، فأكرم القبطي وأهان الإسرائيلي)(١). يقول تعالى:’’إنّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا‘‘(٢). فتحول المال بين يدي الطاغوت من نعمة إلى لعنة!
وبهذا أصبح المال وسيلة في تثبيت النّظام الفرعوني، حيث دافعت الفئات المستفيدة عن النّظام كالملأ من قوم فرعون وآل فرعون ومن قبلهم هامان وزيره ومدير أعماله والمشرف على تنفيذ خططه، فالمستفيدون من النّظام هم المدافعون عنه، وهم أيضا الرافضون للدّين الجديد الذي يجردهم من امتيازاتهم كما بيّنا سالفا
ازدياد تأثير المال في ظل طغيان المفهوم المادي للحياة في عهد فرعون

(١) تفسير البيضاوي(٤/٢٨٢)مع بعض التصرف. وانظر: تفسير النسفي(٣/٢٢٦).
(٢) القصص: ١٤].


الصفحة التالية
Icon