إنّ الواقع المرّ التي كانت تعيشه أغلبية الجماهير في ظلّ الظلم والطغيان جعل فرعون يحتاج إلى أدوات قمع جبّارة، بها يسكت الجماهير وبواسطتها له يخضعون، فكان له جيش جرّار ومخابرات مبثوثة هنا وهناك، وشرطة أُنيطت بها المهمّات. ولكي نقف على حقيقة قدراته العسكرية لا بدّ لنا من تتبع النّصوص القرآنية التي من خلالها نعرف أجهزة فرعون العسكرية وتشكيلاتها، وهي على النحو التّالي:
الجيش وهم جنود فرعون الذين يحملون السلاح، ويباشرون المعارك التي تخوضها الدّولة ضدّ فئة كبيرة ذات ثقل عسكري، وهو ما نُسمّيه بالجيش النّظامي، وهم الذين مهنتهم حمل السلاح، والمحافظة على وجود الدولة ككل، ودليل ذلك قوله تعالى:’’فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا‘‘(١). وقوله تعالى:’’فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم‘‘(٢). وقوله تعالى:’’واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنّوا أنّهم إلينا لا يرجعون‘‘(٣). وقوله تعالى:’’فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ وهو مليم‘‘(٤). حيث تحدثت الآيات في مجملها عن استعمال فرعون جيشه وجنوده في مهمة ملاحقة بني إسرائيل بقيادة موسى عليه السّلام، وذلك عندما خرجوا من مصر سرا في جنح الظّلام، حيث لم يكن خروجهم في الأساس إلاّ لكونهم لا يستطيعون مجابهة جيش فرعون، ممّا يدلّ على كثرة عدده. وهذا ما يدلُّ عليه قول فرعون عن بني إسرائيل وهو يهمّ بملاحقتهم:’’إنّ هؤلاء لشرذمة(٥)قليلون‘‘(٦). وإنّما استقلهم مقارنة مع جنوده(٧)

(١) يونس: ٦٠].
(٢) طه: ٧٨].
(٣) القصص: ٣٩].
(٤) الذاريات: ٤٠].
(٥) الشرذمة القليل من النّاس.. والقطعة من الشيء تُسمّى شرذمة، والجمع شراذم.. وثياب شراذم أي أخلاق متقطعة. وانظر: لسان العرب، مادة: شرذم(١٢/٣٢٢).
(٦) الشعراء: ٥٤].
(٧) ذُكر أنّ بني إسرائيل كانوا ينيفون عن ستمائة ألف، ومع هذا سمّاهم فرعون شرذمة قليلون!انظر: تاريخ الطبري(١/٢٤٦)والبداية والنهاية(١/٢٧٠)والأصبهاني: أبو نعيم، أحمد بن عبد الله،(ت٤٣٠هـ)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ١٠أجزاء، ط٤، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٥هـ.(٤/٢٠٧). وسأشير إليه لاحقا هكذا(حلية الأولياء).


الصفحة التالية
Icon