، وهذه دلالة واضحة على كثرة جنده، وعلى شدة الخطر الذي مثَّلته دعوة موسى على وجود النّظام الفرعوني.
وكما امتاز جيش فرعون بكثرة عدده امتاز كذلك بقوة تنظيمه وسرعة حركته، ممّا يدلّ على الإنضباط التّام في صفوفه، حيث يقول تعالى:’’فأرسل فرعون في المدائن حاشرين‘‘(١). فما هي إلاّ ساعات قليلة بين علم فرعون بخروج بني إسرائيل وأمره بالإستنفار العام والتعبئة العامة وبين لحاقه بهم بهذا الحشد الهائل من الجنود. فها هم بنو إسرائيل بقيادة موسى عليه السّلام يخرجون تحت جنح الظّلام ليلا، وها هو فرعون يتبعهم وقت شروق الشمس،’’فأتبعوهم مشرقين‘‘(٢). أي لحقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها، حيث أشرقت الأرض بالضياء(٣)، ممّا يدلّ على سرعة حركتهم.
وبما أنّ مهمتهم كانت مهمة بغي وعدوان، أغرقهم الله جلّ شأنه في البحر عقوبة لهم لكونهم وسيلة بيد الطّاغية المتجبر فرعون، فكلّ من كان سببا أو وسيلة في نظام الظالمين فهو ظالم مثلهم.

(١) الشعراء: ٥٣].
(٢) الشعراء: ٦].
(٣) انظر: تفسير الطبري(١٩/٧٨)وتفسير القرطبي(١٣/١٠٥)وتفسير ابن كثير(٣/٣٣٧)ومعاني القرآن(٥/٨٣)وتفسير البغوي(٣/٣٨٧).


الصفحة التالية
Icon