وتشمل السيطرة العسكرية جهاز المخابرات أو الجواسيس والعيون التي يبثها فرعون هنا وهناك، يلتقطون أخبار النّاس ويراقبون حركتهم؛فالجماهير المقموعة تتجه إلى السريّة في حركتها، حيث لم يبق لها أيّ مساحة فوق الأرض تتحرك فيها بأمان واطمئنان، ولهذا تنشأ الحركات السريّة، ولها تُنشيء الحكومة أجهزة الرقابة والمتابعة والملاحقة.
إنّ من يتدبر النصوص يمكنه معرفة كلّ ما سبق، فها هي أمّ موسى عليه السلام تخاف على ابنها القتل، وبالتالي تحاول إخفاءه عن العيون التي تراقب وتلاحق، وقد ضاقت عليها الأرض بما رحبت، وهنا تدركها رحمة الله سبحانه وتعالى، يقول تعالى:’’وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين‘‘(١). أي أرضعيه ما أمكنك إخفاؤه، فإذا خفت عليه من جواسيس فرعون بأن يبلغ خبره إليه أو أن يحس به فألقيه في اليمّ في البحر يريد النيل، ولا تخافي عليه ضيعة ولا شدة، ولا تحزني لفراقه؛إنّا رادوه إليك عن قريب بحيث تأمنين عليه، وجاعلوه من المرسلين(٢). والشاهد في الآية أنّها خافت أن تحس به عيون فرعون وجواسيسه.

(١) القصص: ٧].
(٢) انظر: تفسير البيضاوي(٤/٢٨٣)وفتح القدير(٤/١٥٩)وروح المعاني(٢٠/٤٥).


الصفحة التالية
Icon