المبحث الثاني: جلب العقوبات الرّبانية
الفصل الرابع
آثار شخصية فرعون
إنّ من المؤكّد أن يكون لهذه الشخصية آثارا عميقة نظرا لما تميّزت به من قساوة وعنف واضطهاد؛فالمجتمع الذي تعرض لأقسى درجات الإذلال والاستعباد ولمدة طويلة ظهرت عليه آثار تلك الشخصية؛ذلك أنّ المقدمات الخبيثة والسيئة تنتج آثارا خبيثة وسيئة،’’والذي خبث لا يخرج إلاّ نكدا‘‘(١)، وهكذا كان فرعون كثير الشر عديم الخير.
وليس هذا مرتبطا بشخصية فرعون فحسب، بل ستكون هذه الآثار في كلّ مرة يتعرض فيها المجتمع لمثل تلك الشخصية أو لمثل ذلك المنهج الذي أفرزها. من هنا تأتي أهمية هذا الفصل، فلا يجوز أن نُشغل أنفسنا كثيرا بما أفسده الطاغوت فحسب، بل ننشغل بالقضاء على الطاغوت نفسه، ولا يهمنا في مرحلة المواجهة معه من الأمور إلاّ ما يُقَرِّبُنا لتلك الغاية وتتسع له جهودنا. فلن يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم. فأيّنما وُجد الطاغوت وُجد الفساد والخلل، لذا يجب التفريق بين المرض وآثاره، فالأولى القضاء على سبب المرض لا الانشعال كثيرا بمعالجة أعراضه إلاّ بمقدار ما تنفعنا تلك المعالجات العرضية في تحقيق الهدف الأساسي وهو اجتثاث أسباب المرض والتّخلص بالكليّة من الطاغوت، على أن لا يكون هذا الإصلاح الفرعيّ يُضفي صفة تجميلية للطاغوت، أو يُضفي عليه الشرعية بحيث يظهر المصلح وكأنّه من أعوان الطاغوت ومناصريه ومؤيديه.
وللوقوف على آثار شخصية فرعون لا بدّ من استعراض لآيات القرآن الكريم التي ذكرت تلك الآثار مباشرة أو غير مباشره كي نصل من خلال النظر فيها لتلك الآثار. وعليه نستطيع أن نقسم تلك الآثار إلى مبحثين: الأول: الآثار المجتمعية لشخصية فرعون، والثاني: جلب العقوبات الربانية.
المبحث الأول
الآثار المجتمعية لشخصية فرعون

(١) الأعراف: ٥٨].


الصفحة التالية
Icon