لقد أنتجت شخصية فرعون أمراضا إجتماعية وسلبيات عميقة عديدة؛ذلك أنّ المنهج الذي اعتمده فرعون-وهو المنهج الذي أفرز شخصية فرعون-كان له آثار سلبية خطيرة مرافقة له وملازمة، إذ لا تظهر هذه الشخصية إلاّ في بيئة مرضية، وبالتالي فهي حريصة على تأكيد تلك الأمراض وتأصيلها، فهي الوسط الملائم التي تعيش فيه شخصية فرعون. وهذه الآثار الإجتماعية المتعددة يمكن حصرها فيما يلي:
أولا: ضلال قومه
(الضلال والضلالة ضد الهدى والرشاد)(١)، و(ضل الشيء ضاع)(٢)، والضلال-عند المفسرين-أصله الهلاك يقال منه ضل الماء في اللبن إذا استهلك، والضلالة هي العدول عن طريق الحق والذهاب عنه(٣)، وهو ما يُرشد إليه قوله تعالى:’’فماذا بعد الحق إلاّ الضلال‘‘(٤)، أي(ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال)(٥)؛ذلك أنّ ما لم يكن حقا فهو الضلال،(ولقد ذاقت البشرية من ويلات هذا الضلال-وما تزال كلها تذوق-ما هو حتمي في تاريخ البشرية حين تنحرف عن هدى الله.. فهذه هي الحتمية التاريخية المستيقنة لأنها من أمر الله، ومن خبر الله)(٦).
والضلال-أيضا-(أن يقصد اعتقاد الحق أو فعل الجميل أو قول الصدق فيظن بتقصيره وسوء تصرفه فيما كان باطلا أنّه حق فاعتقده، أو فيما هو قبيح أنّه جميل وليس بجميل ففعله، أو فيما كان كذبا أنّه صدق فقاله)(٧). فالضلال-إذن-(فَقْدُ ما يوصل إلى المطلوب، وقيل: سلوك طريق لا يوصل إلى المطلوب)(٨).

(١) لسان العرب، مادة: ضلل(١١/٣٩٠).
(٢) مختار الصحاح، مادة: ضلل(١٦٠). وانظر: المغرب، مادة: ضلل(٢/١٢).
(٣) انظر: تفسير القرطبي(١/٢٤٥)،(٧/٢٣٤).
(٤) يونس: ٣٢].
(٥) تفسير القرطبي(٨/٣٣٥).
(٦) في ظلال القرآن(٣/٢٨٢).
(٧) فيض القدير(١/٢٠٢).
(٨) التعاريف(١/٤٧٤).


الصفحة التالية
Icon