إنّ تقديس الطاغوت أو عدَّه شخصا مميّزا ذا صفات خاصة نادرة، والترويج المستمر لتلك الفرية عبر وسائل الإعلام، ثمّ وجود من يقرّ له-من النّاس-بتلك الفرية، يورث مع توالي الزمن وتكرار المشهد وضخامة الدّعاية وعدم القدرة على المعارضة بكتم صوت الحق والحقيقة…يورث ما يشبه التسليم بتلك الفرية واعتبارها حقيقة مسلمة لا جدال فيها، حتى إذا قام سيّد الشهداء بكلمة الحقّ أمام الطاغوت تعجب النّاس من القول الجديد على أسماعهم، وطالبوه بزيادة البيان وتوضيح البرهان!
ومن دلائل ضلالهم تعظيمهم للسحر والسحرة، ويظهر هذا من قول السحرة :’’إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم ويذهبا بطريقتكم المثلى‘‘(١). والمعنى أنّ السحرة قد أقلقهم موسى وهارون، وأصبحت مراكزهم مهددة بالإنهيار، وذلك معنى قولهم:’’ويذهبا بطريقتكم المثلى‘‘، أي(ويستبدا بهذه الطريقة وهي السحر، فإنّهم كانوا مُعَظَّمين بسببها)(٢). والشاهد أنّ تعظيم السحرة ما كان إلاّ لجهل الجماهير وسفهها، وكيف لا يكون جهلا والحق جلّ شأنه يقول:’’ولا يُفلح الساحر حيث أتى‘‘(٣)، أي لا يفلح(حيث كان وأين أقبل)(٤).

(١) طه: ٦٣].
(٢) تفسير ابن كثير(٣/١٥٨).
(٣) طه: ٦٩].
(٤) تفسير ابي السعود(٦/٢٨). وانظر: تفسير النسفي(٣/٦١)


الصفحة التالية
Icon