بيّن القرآن الكريم العقوبات التي أنزلها الله على أولئك القوم الظالمين، حيث تنوعت وتعددت وتعاقبت على فترات من الزمن لعلهم إلى ربهم يرجعون بالتوبة والإنابة، و(البلوى من الله على جهتين فبلوى رحمة وبلوى عقوبة، فبلوى رحمة يبعث صاحبه على إظهار فقره وفاقته إلى الله وترك تدبيره، وبلوى عقوبة يترك صاحبه على اختياره وتدبيره )(١)، وهؤلاء أصَّروا على غيّهم وفجورهم المرة بعد المرة حتى أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
كانت أولى العقوبات أن أخذهم الله جلّ شأنه بالقحط ونقص الثمرات، يقول تعالى:’’ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون‘‘(٢). أي(إختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم بالسنين وهي سني الجوع بسبب قلة الزروع ونقص من الثمرات)(٣)، وحدوث القحط ونقص الثمرات فى أرض مصر، المخصبة المثمرة المعطاء، تبدو(ظاهرة تلفت النظر، وتهز القلب، وتثير القلق، وتدعو إلى اليقظة والتفكر)(٤). ولكنّ القوم قد ران الشيطان على قلوبهم فأصَّروا على معصيتهم، وأخذتهم العزة بالإثم،’’وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين‘‘(٥). والمعنى أنّ(أيَّ آية جئتنا بها ودلالة وحجة أقمتها رددناها فلا نقبلها منك ولانؤمن بك ولا بما جئت به)(٦)، معتبرين أنّ ما قدّمه موسى عليه السلام لهم من الآيات سحرا، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلاّ كذبا.

(١) حلية الأولياء(١٠/١٩٦).
(٢) الأعراف: ١٣٠].
(٣) تفسير ابن كثير(٢/٢٤٠).
(٤) في ظلال القرآن(٣/٦١٥).
(٥) الأعراف: ١٣٢].
(٦) تفسير ابن كثير(٢/٢٤١). وانظر: تفسير البيضاوي(٣/٥٢).


الصفحة التالية
Icon