أراد فرعون أن يستفز موسى ومن آمن معه من الأرض، فكانت عقوبته من جنس ما همّ به، حيث أزاله الله عن وجه الأرض إلى الأبد.
(إنّ هذه الواقعة من أعظم ما أنعم الله به على بني إسرائيل ومن الآيات الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى عليه الصلاة والسلام)(١)، و(كذلك اقصاصها على ماهي عليه من رسول الله معجزة جليلة تطمئن بها القلوب الأبية وتنقاد لها النفوس الغبية موجبة لأعقابهم أن يتلقوها بالإذعان فلا تأثرت أوائلهم بمشاهدتها ورؤيتها ولا تذكرت أو اخرهم بتذكيرهاوروايتها فيالها من عصابة ما أعصاها وطائفة ما أطغاها)(٢).
وبعد هذا لم يسدل القرآن الستار بل كشف لنا عن مصيرهم بعد موتهم، يقول تعالى:’’وحاق بآل فرعون سوء العذاب، النّار يعرضون عليها غدوا وعشيّا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب‘‘(٣).(فإنّ أرواحهم تُعرض على النّار صباحا ومساء إلى قيام الساعة، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النّار)(٤)، ولهذا قال:’’ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب‘‘،(أي عذاب جهنم، فإنّه أشد مما كانوا فيه، أو أشد عذاب جهنم، فإنّ عذابها ألوان بعضها أشد من بعض)(٥)، والمعنى أدخلوهم أشده ألما وأعظمه نكالا.

(١) تفسير البيضاوي(١/٣٤٢).
(٢) تفسير أبي السعود(١/١٠١).
(٣) غافر: ٤٥-٤٦].
(٤) تفسير ابن كثير(٤/٨٢). وانظر: تفسير الطبري(٢٤/٧١)وتفسير البيضاوي(٥/٩٥)ودقائق التفسير(٢/٢٥٥)وتفسير البغوي(٤/٩٩)وفتح القدير (٤/٤٩٥)وروح المعاني(٢٤/٧٣).
(٥) تفسير أبي السعود(٧/٢٧٩).


الصفحة التالية
Icon