إنّنا وبدون هذه الشخصية العزيزة التي لم تسمرىء الظلم لن نستطيع مواجهة فرعون، وإنّ أخطر وضع يمكن أن يتصوره الإنسان في ظل شخصية فرعون-أو أي طاغوت آخر-هو استمراء وقبول الجماهير المستذلة للوضع القائم وعدم التفكير بتغييره، فمن يهُن يسهُل الهوان عليه. من هنا كان لا بدّ في مرحلة الإعداد من تعبئة مستمرة على رفض الظلم وتحريض على التّمرد والثورة.
إنّ الطريق إلى الرفعة واحدة لا ثانية لها، يقول تعالى:’’من كان يريد العزة فلله العزة جميعا‘‘(١)، أي من أراد الشرف والمنعة فليطلبها من عند الله فإنّ له كلها(٢)، ومحال علينا التحرر من نير الذل والاستعباد إلاّ بالرجوع إلى الله.
إنّ ما نراه من خنوع وخضوع من قبل قطاع كبير من النّاس ما هو إلاّ دليل على ضعف العزيمة والإيمان في قلوبهم، فرغم ما يعانونه من اضطهاد وقمع وأكل لحقوقهم.. رغم هذا تجدهم ساكتين لا يؤلمهم هذا الظلم والجور. وفي المقابل نجد كثيرا منهم متمردون على الله لا ينفذون أوامره ولا ينتهون عن نواهيه. فصار خوفهم من الطاغوت أشد مرات عدة من خوفهم من الله، والتزامهم بشرع الطاغوت أقوى من التزامهم بشرع الله!
في مثل وسط كهذا من الخانعين لن يتورع الطغاة عن تنفيذ مآربهم، بل وسيأتون بالمزيد من المأسي على شعوبهم، والسؤال من الذي يمنعهم؟خنوع الجماهير أم خوفهم من الله؟!!أم أولئك الذين يُمرِّغون أنوفهم على عتبات السلطان؟
ثانيا: المروءة والفطرة السليمة.

(١) فاطر: ١٠].
(٢) وانظر: تفسير البيضاوي(٤/٤١٣).


الصفحة التالية
Icon