إنّ الإنشغال باللذة العاجلة والجاه الكاذب والمصالح الفانية عن القيام بالواجب ونصرة الحق نقضٌ للمروءة وقتل لها، حيث لم يعُد للفرد همٌ سوى نفسه-إلاّ من رحم ربي-، فهو منشغل بتوفير المتاع لها والراحة، وإذا طلب الإنسان من نفسه القيام بالواجب وجدها عاجزة ضعيفة ثقيلة. والعجيب أنّ الكلَّ يقول’يجب‘!ولكن على من’يجب‘؟إنّه واقع مرُّ أن ترى الأعراض تُستباح والبيوت تُهدم والعدو يُعربد.. ثمّ لا تجد من يُنجدك. فغالبية الأمّة تخلت عن واجبها في نصرة المظلوم. أين الأغنياء وأصحاب الملايين من شعوب تُقهر وتُجوَّع؟أين الرُّتب العسكرية وهم ينظرون إلى المستضعفين يُسحقون بآلة العدو سحقا؟لمن هذه الجيوش عُدت؟ونحن نسأل: هل هؤلاء يُقاوَمُ بهم فرعون؟هل هذه عُدتنا للمواجهة مع أشرس عدو وأخبث ملّة؟!
المروءة ليست مراهقة بل هي المُحرّك نحو القيام بواجب النّصرة والعون والإنقاذ(حتى لا تبقى فينا عين تطرف، وهي بذل المال حتى لا يبقى لأحد درهم. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والقدرة والعدد)(١). يقول صلى الله عليه وسلم’’من قُتل دون ماله فهو شهيد‘‘(٢)، فكيف بمن يموت دون أمته وثروتها وعزتها وكرامتها؟
ثالثا: القوة والأمانة

(١) تفسير القرطبي(٨/٥٧)مع بعض التصرف.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب من قاتل دون ماله(٢/٨٧٧)رقم(٢٣٤٨).


الصفحة التالية
Icon