من هنا أثارت قوة موسى وأمانته انتباه تلك المرأة الصالحة حتى قالت لأبيها:’’يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القوي الأمين‘‘(١)،(تقول إنّ خير من تستأجره للرعي القوي على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمين الذي لا تخاف خيانته فيما تأمنه عليه)(٢)، فالقوة والأمانة(تعليل لما وقع منها من الإرشاد لأبيها إلى استئجار موسى، أي إنّه حقيق باستئجارك له لكونه جامعا بين خصلتي القوة والامانة)(٣)، فإذا كان قطيع من الغنم يحتاج إلى مَن يتصف بالقوة والأمانة، فكيف بمن يقود أمّة ويحمل لواء المواجهة للطاغوت!
رابعا: الصلابة والخشونة.
حين مواجهة الطاغوت لا بدّ من شخصية تمتاز بالصلابة والخشونة، فالشخصية المدللة المنعمة لا تستطيع المواجهة، فالمواجهة تعني السوط والسجن والزنازين الضيقة المظلمة، والتضييق في الرزق بل والحرب على لقمة العيش، والجراح المؤلمة والمشانق المتدلية.. ولا ننسى فراق الأحبة والولد! ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:’’وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير فإنّ رسول الله ﷺ نهى عن لبوس الحرير‘‘(٤).

(١) القصص: ٢٦].
(٢) تفسير الطبري(٢٠/٦٣).
(٣) فتح القدير(٤/١٦٩).
(٤) صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء وإباحة العلم ونحوه للرجل ما لم يزد على أربع أصابع (٣/١٦٤٢)رقم(٢٠٦٩).


الصفحة التالية
Icon