(البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، أو إظهار المعنى للنفس حتى يتبين من غيره وينفصل عما يلتبس به، أو هو إظهار المتكلم المراد للسامع)(١)؛فالكلمة المبيّنة لهدف الدعوة وغايتها بصورة لا غبش فيها ولا تشويش، وبذل الجهد المستطاع حتى تكون الدعوة مفهومة عند مَن تخاطبه أمر في غاية الأهمية، إذ أنّ قيمة الشيء تكمن في فهمه وإدراكه، فإذا لم تُدرك الجماهير هدف الدعوة وغايتها تبقى الدعوة لا قيمة لها، فنجاح الدعوة-بعد مشيئة الله سبحانه-منوط بوضوح الخطاب ويسره؛ذلك أنّ الله سهّل القرآن وهيأه للذكر والاتعاظ(٢)، يقول تعالى:’’ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر‘‘(٣). ولا بدّ لهذه الكلمة المعبرة الصادقة من تحريك وعي الجماهير حتى تصبح جماهير حيّة قادرة على التمييز والمعرفة، فتعبئة الجماهير فكريا أمر ملح وضروري.
والبيان النّاجح هو البيان الذي يعتمد على الحكمة والموعظة الحسنة،(أي بالمقالة المحكمة الصحيحة، والدليل الموضح للحق المزيح للشبهة، والعبر النافعة المُقنعة على وجه لا يخفى على النّاس وجه الحق)(٤)، وذلك بأسلوب لا إفراط فيه ولا تفريط؛فالتشدد في غير موضعه تنفير وتدمير، كما أنّ التفريط إضاعة للحق والدّين.

(١) والبيان أنواع: (بيان التقرير وهو توكيد الكلام بما يرفع احتمال المجاز والتخصيص. وبيان التفسير ما فيه خفاء من المشترك أو المشكل أو المجمل أو الخفي. وبيان التغيير وهو تغيير موجب الكلام نحو التعليق والاستثناء والتخصيص. وبيان الضرورة هو نوع بيان يقع بغير ما وضع له لضرورة إذ الموضوع له النطق وهذا يقع بالسكوت. وبيان التبديل وهو النسخ أي نسخ حكم شرعي بدليل شرعي متأخر). التعاريف(١/١٤٩-١٥٠)مع بعض التصرف.
(٢) انظر: تفسير البيضاوي(٥/٢٦٦)والبرهان في علوم القرآن(٣/٩).
(٣) القمر: ١٧].
(٤) تفسير أبي السعود(٥/١٥١)مع بعض التصرف.


الصفحة التالية
Icon