نريد بيانا يكشف عن المعنى المقصود وإظهاره كما هو منهج القرآن، يقول تعالى:’’هذا بيان للناس‘‘(١)،(فالقرآن أعلى منازل البيان وأعلى مراتبه، حيث جمع وجوه الحسن وأسبابه وطرقه وأبوابه من تعديل النظم وسلامته وحسنه وبهجته وحسن موقعه في السمع وسهولته على اللسان ووقوعه في النفس موقع القبول وتصوره تصور المشاهد.. وإذا علا الكلام في نفسه كان له من الوقع في القلوب والتمكن في النفوس ما يذهل، ويبهج ويقلق ويؤنس ويطمع ويؤيس ويضحك ويبكي ويحزن ويفرح ويسكن ويزعج ويشجي ويطرب ويهز الأعطاف ويستميل نحوه الأسماع ويورث الأريحية والعزة، وقد يبعث على بذل المهج والأموال شجاعة وجودا، ويرمي السامع من وراء رأيه مرمى بعيدا، وله مسالك في النفوس لطيفة ومداخل إلى القلوب دقيقة)(٢)، ولا عجب من ذلك فالبيان الناجح له تأثير عظيم على القلوب، يقول صلى الله عليه وسلم:’’إنّ من البيان لسحرا‘‘(٣).

(١) آل عمران: ١٣٨].
(٢) الباقلاني: أبو بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، إعجاز القرآن، جزء واحد، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار المعارف، القاهرة.(١/٢٧٦-٢٧٧)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(إعجاز القرآن).
(٣) صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الخطبة(٥/١٩٧٦)رقم(٤٨٥١).


الصفحة التالية
Icon