لقد أوضح موسى عليه السلام حقيقة أمره هكذا مرّة واحدة واضعا كلّ الحقيقة بين يدي الجماهير:’’يا فرعون إنّي رسول من رب العالمين‘‘(١)؛ذلك أنّ وضوح الخطاب أساس في نجاح الدعوة، ولهذا كانت كلمات موسى عليه السلام موجزة معبرة حين قال:’’أن أدّوا إلي عباد الله إنّي لكم رسول أمين، وألاّ تعلو على الله إنّي آتيكم بسلطان مبين‘‘(٢)، أي(أن لا تطغو وتبغوا على ربكم فتكفروا به وتعصوه فتخالفوا أمره)(٣).
ثمّ نبه عليه السلام إلى وجود الحجة والدليل، فالبيّنة على من ادعى، وذلك كي يقف النّاس-ومنهم فرعون-على الحقيقة التي يدعمها البرهان الساطع الذي لا لبس فيه، فلا يطالب النّاس بالإتّباع إلاّ بعد أن تلزمهم الحجة ويقوم عليهم الدليل، فيؤمن من يؤمن عن بيّنة ويكفر من يكفر عن بيّنة. ولهذا قال:’’قد جئناك بآية من ربك‘‘(٤)، أي ببينة تدل على صدقنا في مجيئنا إليك بأمر ربك، في هذه المهمة التي حددناها، وذلك مما يحقق رسالتهما ويقررها ويوجب الامتثال بأمرهما، فهو حقيق على أن لا يقول على الله إلاّ الحق، أي جدير بذلك وحريص عليه، فذلك واجب وحق علي أن لا أخبر عنه سبحانه إلاّ بما هو حق وصدق(٥).

(١) الأعراف: ١٠٤].
(٢) الدخان: ١٨-١٩].
(٣) تفسير الطبري(٢٥/١١٩).
(٤) طه: ٤٧].
(٥) انظر: تفسير ابن كثير(٢/٢٣٦)وتفسير القرطبي(٧/٢٥٦)والبرهان في علوم القرآن(٣/٣٣٨)..


الصفحة التالية
Icon