وهذا هو معنى قوله تعالى لموسى وهارون:’’فقولا له قولا لينا‘‘(١)، فالقول الليّن هو(القول الذي لا خشونة فيه.. فإذا كان موسى أُمر بأن يقول لفرعون قولا لينا فمن دونه أحرى بأن يقتدى بذلك في خطابه وأمره بالمعروف في كلامه)(٢)، وقد قال تعالى:’’وقولوا للنّاس حسنا‘‘(٣)،(فالقول اللين لا يثير العزة بالإثم، ولا يهيج الكبرياء الزائف الذي يعيش به الطغاة. ومن شأنه أن يوقظ القلب فيتذكر ويخشى عاقبة الطغيان)(٤)، لذلك علم الله سبحانه موسى عليه السلام كيف يخاطب الطاغية بأحب أسلوب وأشده جاذبية للقلوب، لعله ينتهي، ويتقي غضب الله وأخذه، وفي(هذه الآية عبرة عظيمة وهي أنّ فرعون في غاية العتو والإستكبار، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أُمر أن لا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين)(٥). يقول تعالى:’’اذهب إلى فرعون إنّه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى‘‘(٦)، هل لك الى أن تتطهر من الكفر والطغيان ومن دنس الذنوب؟’’وأهديك الى ربك فتخشى‘‘(٧).. هل لك أن أعرفك طريق ربك. فتخافه وتتقيه، إذ الخشية إنّما تكون بعد المعرفة. فما يطغى الإنسان ويعصي إلاّ وهو بعيد عن ربه(٨).

(١) طه: ٤٤].
(٢) تفسير القرطبي(١١/٢٠٠).
(٣) البقرة: ٨٣].
(٤) في ظلال القرآن(٥/٤٧٤).
(٥) تفيسر ابن كثير(٣/١٥٤).
(٦) النّازعات: ١٧-١٨].
(٧) النّازعات: ١٩].
(٨) انظر: تفسير الطبري(٣٠/٣٩)وتفسير البيضاوي(٥/٤٤٧)وتفسير القرطبي(١٩/٢٠١).


الصفحة التالية
Icon