يتهاون في عظيم الأمور.
إنّ هذا الإستكبار بعد الآيات والبراهين مع ما يصاحبه من اتهامات باطلة لتشويش صوت الحق ليس مقصورا على فرعون ومن تابعه بل هو ديدن المستكبرين، يقول تعالى:’’كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون‘‘(١).(فهي جبلة واحدة وطبيعة واحدة للمكذبين؛وهو استقبال واحد للحق وللرسل يستقبلهم به المنحرفون، كأنّما تواصوا بهذا الاستقبال على مدار القرون، وما تواصوا بشيء، وإنّما هي طبيعة الطغيان وتجاوز الحق والقصد تجمع بين الغابرين واللاحقين)(٢).
فرعون يُفرط في استكباره رغم كثرة الآيات
إنّه لمن العجب أن يزداد الداء مع نجاعة الدواء،’’ونخوفهم فما يزيدهم إلاّ طغيانا كبيرا‘‘(٣)، فها هو نوح يرفع أكفّ الضراعة إلى ربه قائلا:’’ربّ إنّي دعوت قومي ليلا ونهارا، فلم يزدهم دعائي إلاّ فرارا‘‘(٤)، فمع الإستمرار بالدعوة يزداد القوم إصرارا على كفرهم.

(١) الذاريات: ٥٣].
(٢) في ظلال القرآن(٧/٥٨٩)مع بعض التصرف.
(٣) الإسراء: ٦٠].
(٤) نوح: ٥-٦].


الصفحة التالية
Icon