وهكذا كان حال موسى عليه السلام، أُوتي العديد من المعجزات، ومع هذا واجه استكبارا قلّ مثيله، ممّا أدخله في دائرة أولي العزم من الرسل. يقول تعالى:’’ولقد آتينا موسى تسع آيات بيِّنات‘‘(١)، وهي العصا واليد والسنين والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، ومن عدّ اليد والعصا آية جعل الطمسة(٢)آية سابعة، ومنهم من جعل السنين ونقص الثمرات واحدة وعنده أن التاسعة هي تلقف العصا ما يأفكون… فهذه الآيات التسع التي ذكرها هؤلاء الأئمة هي المرادة ههنا وهي المعينة في قوله تعالى:’’وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقب ياموسى لا تخف‘‘(٣)، إلى قوله’’في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين‘‘(٤). فذكر هاتين الآيتين العصا واليد، وبيّن الآيات الباقيات في سورة الأعراف، وفصلها في قوله تعالى:’’فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدّم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين‘‘(٥).
وقد أوتي موسى عليه السلام آيات أخرى كثيرة؛منها ضربه الحجر بالعصا وخروج الماء منه، ومنها تظليل بني إسرائيل بالغمام وإنزال المنّ والسلوى…ولكن ذكر ههنا التسع آيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، فكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا (٦)،(ولا يعد الفلق-أي فلق البحر- لأنّه لم يبعث به إلى فرعون)(٧).

(١) الإسراء: ١٠١].
(٢) طمس الشيء: ذهابه عن صورته. و الطمس آخر الآيات التسع التي أوتيها موسى عليه السلام، حين طمس على مال فرعون بدعوته فصارت حجارة)لسان العرب، مادة: طمس(٦/١٢٦)، وانظر: مختار الصحاح، مادة: طمس(١/١٦٧).
(٣) النمل: ١٠].
(٤) النمل: ١٢].
(٥) الأعراف: ١٣٣].
(٦) انظر: تفسير ابن كثير(٣/٦٧-٦٨)وتفسير البيضاوي(٤/٢٦٠).
(٧) تفسير البيضاوي(٤/٢٦٠).


الصفحة التالية
Icon