إنّ من له أدنى نظر وعقل ليقف مشدوها أمام هذه المعجزة الباهرة، وسيكون أكثر اندهاشا حين يرى فرعون-وقد أخذته العزة بالإثم-يزداد عتوا وفجورا، وهو يُقدم على فعلة نكراء بشعة بقتله للسحرة وصلبهم، وتلك هي الحالة التي يُرشد إليها قوله تعالى:’’ولقد صرّفنا في هذا القرآن ليذّكّروا وما يزيدهم إلا نفورا‘‘(١)، أي(تباعدا عن الحق وغفلة عن النظر والاعتبار)(٢)، وهكذا كان فرعون يزداد استكبارا مع توالي الآيات والبراهين والمعجزات، فهناك نوع من النّاس-ما زلنا نشاهدهم-يزدادون ترفعا عن الحق كلما سطع، بل ويزداد حقدهم على الذين آمنوا كلما استطاعوا أن يُقدِّموا للنّاس براهينهم وحججهم، فما أن يسمع بحجة دامغة إلاّ وسعى بجهد جديد كي يدحضها بدلا من أن يُعيد النّظر بما يحمله من الباطل!

(١) الإسراء: ٤١].
(٢) تفسير القرطبي(١٠/٢٦٥)وانظر: تفسير ابن كثير(٣/٤٢).


الصفحة التالية
Icon