وعلى هذا الأساس-المتلبس بالظلم والمنغمس فيه-تنطلق شخصية فرعون إلى واقع الحياة، ومن ثمّ فإنّ كل ما تفرزه هذه الشخصية أو تنشؤه من مناهج وأنظمة وأجهزة مرتبط بالحقيقة الأولى وهي الظلم التي بُنيت عليه، فالشيء يرجع في المذاق لأصله، وهي الحقيقة التي بيّنها القرآن الكريم. يقول تعالى:’’ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين‘‘(١)، ويقول تعالى:’’وإذ نادى ربك موسى أن أئت القوم الظالمين(٢)، قوم فرعون ألا يتقون‘‘(٣)، ويقول تعالى:’’فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا‘‘(٤)، ويقول تعالى:’’قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين‘‘(٥).

(١) الأعراف: ١٠٣].
(٢) قوله في طه:(إلى فرعون)[طه: ٤٣]، وفي الشعراء(أن ائت القوم الظالمين، قوم فرعون ألا يتقون)[الشعراء: ١٠ ١١]، وفي القصص(فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه)[القصص: ٣٢]، لأن طه هي السابقة وفرعون هو الأصل المبعوث إليه وقومه تبع له، وهو كالمذكورين معه، وفي الشعراء قوم فرعون، أي قوم فرعون وفرعون، فاكتفى بذكره في الإضافة عن ذكره مفردا، ومثله’’أغرقنا آل فرعون‘‘أي آل فرعون وفرعون، وفي القصص’’إلى فرعون وملئه‘‘فجمع بين الآيتين فصار كذكر الجملة بعد التفصيل) الكرماني: محمود بن حمزة بن نصر، أسرار التكرار في القرآن، جزء واحد، تحقيق: عبد القادر احمد عطا، ط٢، دار الاعتصام، القاهرة، ١٣٩٦هـ.(١/١٣٩)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(أسرار التكرار في القرآن).
(٣) الشعراء: ١٠-١١].
(٤) النّمل: ١٣-١٤].
(٥) القصص: ٢٥].


الصفحة التالية
Icon