انتقلت بعد ذلك للحديث عن آثار تلك الشخصية على الجماهير الواقعة تحت سيطرتها، والتي تمثلت بضلال قومه وضياعهم وتيههم، واعتيادهم على حياة الذل وخنوعهم، وبظهور الطبقية وتشرذم المجتمع، وطغيان المفاهيم المادية المصاحبة بسبب غياب القيم والمعاني الإنسانية، وما صاحب ذلك من عقوبات ربانية.
ثمّ تحدثت-أخيرا-عن السبل التي أرشد القرآن إليها في مواجهة فرعون، والتي تمثلت في مرحلة التهيئة لشخصية موسى عليه السلام كشخصية مكافئة لشخصية فرعون. ومرحلة التنفيذ المُتمثلة في بيان طبيعة الدعوة، والقدرة على التعامل مع المواقف المستجدة. ومرحلة مواجهة الإبتلاءات وما تتطلبه من وسائل التعبئة الروحية، والأخذ بالأسباب المادية. وقد تخلل البحث الكثير من الدروس والعبر، ووضعت في الخاتمة أهم تلك الدروس والعبر والنتائج التي أسفر عنها هذا البحث، وأسأل الله التوفيق.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:-فإنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قول فصل وما هو بالهزل، وهو الحق والحقيقة، من تمسك به اهتدى ومن تركه ضلّ وغوى، لاتنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل.
من هنا كان القرآن كتاب حياة لا قصة حياة، وعلى هدي هذه الحقائق المطلقة، لفت انتباهي قصة فرعون في هذا الكتاب العظيم، وكنت على يقين أنّ ورودها بهذا الحجم لا بدّ له من عبر جليلة، وفوائد للأمة عظيمة، فبدأت النّظر فيها مرة بعد مرة، فوجدت نفسي في شوق إلى سبر أسرارها ما استطعت إلى ذلك سبيلا. وها أنا أضع مسوغات بحثي متوكلا على الله أن يلهمني السداد والرشاد.
مسوغات البحث
أهميته، ومشكلته، وأهدافه
١-أهمية البحث: