وظلموا الناس بصدهم عن الإيمان بها، وحجبوا عنهم نور الهداية ورحمة الله، فآذوا من آمن، وعرّضوه للفتنة كي لا يبقى على إيمانه، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب وذبح أولادهم وأخذ أموالهم ومصادرة حقوقهم، فليس لهم إلاّ ما يبقيهم على قيد الحياة لخدمة فرعون، والمعصية هنا أشد من غيرها لأنها لا تقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب، لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر.
وكما تنوع الظلم في ظلّ شخصية فرعون تعددت دركاته أيضا، فقد أتى فرعون بأعظم أنواع الظلم وهو الكفر بآيات الله بل وادعى أنّه رب وإله، ثمّ ما سفكه من الدماء بغير حق، وسلبه أموال النّاس وإذلالهم.. فلم يترك جريمة إلاّ وفعلها، ولقد قيل: أنّ(العلة المانعة من الظلم عقل زاجر، أو دين حاجز، أو سلطان رادع، وعجز صاد)(١)، وإذا تأملت لم تجد عند فرعون واحدة منها.
كلّ من شارك الظالمين أو سكت لغير عذر مشروع فهو منهم

(١) المناوي: محمد عبد الرؤوف،(٩٥٢-١٠٣١)هـ، فيض القدير شرح الجامع الصغير، ٦أجزاء، ط: ١، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ١٣٥٦هـ.(٤/١٤٣)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(فيض القدير).


الصفحة التالية
Icon