إنّ الفساد نتيجة حتمية لمن ظلم وطغى وجعل نفسه إلها من دون الله، ومن هنا لم تكن هذه الشخصية مفسدة فحسب بل كانت كثيرة الإفساد بالجور والأذى(١)، يقول تعالى:’’وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب‘‘(٢)، حيث أصاب الخلل كلّ مناحي الحياة، فانتشر الكفر والظلم والجور والأذى والقتل والمعاصي…حتى وصل الفساد والإفساد عقول النّاس وتصوراتهم، وهو أخطر فساد يمكن أن يقع، ولم يكن عطاؤه للسحرة وإجابتهم لما طلبوا إلاّ في سبيل إفساد عقول الناس وأفكارهم وتصوراتهم بهذه التهاريج. يقول تعالى:’’فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إنّ الله سيبطله إنّ الله لا يصلح عمل المفسدين‘‘(٣)،(أى عمل جنس المفسدين على الإطلاق فيدخل فيه السحر دخولا أوليا)(٤)، فالآية دليل على أنّ السحر-الذي كان فرعون يرعاه وينفق عليه-من عمل المفسدين.(والمعنى أنّ الله لا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه وعمل فيها بمعاصيه )(٥)(ولا يجعل عملهم نافعا لهم )(٦).
وحصل ذلك حين حاول فرعون من خلال السحر- الذي كان جزءا من نظامه- أن ينتصر على موسى عليه السلام ويعارض ما جاء به عليه السلام من الحق المبين بزخارف السحرة، عند ذلك قال موسى عليه السلام:’’ما جئتم به السحر إنّ الله سيبطله، إنّ الله لا يُصلح عمل المفسدين‘‘.

(١) انظر: تفسير القرطبي(٢٠/٤٩)وتفسير ابن كثير(٤/٥٠٩).
(٢) الفجر: ١٠-١٣].
(٣) يونس: ٨١].
(٤) تفسير ابي السعود(٤/١٧٠). وانظر: فتح القدير(٢/٤٦٦)وروح المعاني(١١/١٦٧).
(٥) تفسير الطبري(١١/١٤٨).
(٦) زاد المسير(٤/ ٥١). وانظر: تفسير الواحدي(١/٥٠٥).


الصفحة التالية
Icon