قلنا: إنّ الفساد خلل يُصيب الحياة، والنّاظر في حياة النّاس اليوم يرى أنّ الخلل قد أصاب معظم مناحي حياتهم؛خلل في الفكر والتصور والمفاهيم، أورث القلق والاضطراب والأمراض النّفسية وفقدان السعادة والطمأنينة.. وخلل في النّظام السياسي العالمي والإقليمي والمحلي، أورث انتشار الرشوة والمحسوبية واستثناء الكفاءة، وفشت عقلية المؤامرة وفقدان الثقة، وانعدمت روح المسؤولية، وغاب حس الإنتماء. وخلل في الأخلاق أورث انتشار الجريمة المنظمة والشذوذ الجنسي وهدم الأسرة وظهور الوصوليين. وخلل في الإعلام الذي أصبح هدفه الهبوط بالإنسان إلى مرتبة الحيوان، وإحياء الغرائز الحيوانية فيه، وزرع الأفكار المادية الخاوية من أي روح إنسانية. وخلل في الإقتصاد بنشر الربا وما يتبع ذلك من فساد وشر، ونشر الغش والاحتكار والغبن وعدم الأمانة والاختلاس…إنّه الخلل الذي نشاهد آثاره في المجاعات المنتشرة هنا وهناك وموت الآلاف من البشر جوعا، ونشاهده في انتشار جيوب الفقر على أطراف الأحياء المترفة والمتخمة، وما يتبع هذا من خلل في العلاقات الإجتماعية وانحرافات جنونية هستيرية.
إنّ أخطر ما في ظاهرة الفساد والإفساد المعاصر هو أن يتحول الفساد إلى منظومة متكاملة من فكر فاسد، أُنشأت له مدارس ومعاهد، ومناهج تُبنى عليه، وخصوصا أنّ المفسدين في الأرض يسيطرون على المفاصل الحساسة في حياة النّاس.
ومن أجل أن يُتمّ المفسدون مشروعهم عملوا بكل قوتهم لمنع عناصر الإصلاح المتمثلة بالجماعة المسلمة من الحركة، فهم يحاولون محاصرة أي نشاط إصلاحي وعلى كافة المستويات؛السياسية والإجتماعية والثقافية والإعلامية.. بل وصل بهم الأمر إلى إغلاق المعاهد والمدارس الإسلامية ومنع المتحجبات من دخول المؤسسات الحكومية من المدرسة والجامعة وصولا إلى البرلمان رمز الديمقراطية الحديثة!


الصفحة التالية
Icon